الرياضة .. تجارة الوهم وجني الأموال
صالح الراشد
وظيفة كرة القدم والدورات الأولمبية في العلن هي المنافسة لنيل الألقاب وإظهار الأفضل فيها لذا تتجهز الدول مطولاً للظهور بأفضل صورة، ويجلس المحظوظون من الشعوب في المدرجات والبقية يتمترسون أمام الشاشات في البيوت، ليتحقق الهدف الخفي بإلهاء المجتمعات وجعلهم ينشغلون بأمور بلا فائدة منها وينسون القضايا الهامة والكبرى، ولهذا السبب يدفع رجال السياسة والاقتصاد مبالغ فلكية للإنفاق على صناعة الرياضة وللتعاقد مع لاعبين لتحقيق الهدف الأغلى بتخدير الشعوب وجعلهم يُركزون على ألعاب غايتها إضاعة الوقت في أمور لا تعود بالفائدة إلا على محركين هذه الألعاب وتجعل الشعوب تتناسى همومها وكأنها تتعاطى المخدرات لكن بطريقة مسموحة.
ولا يتقاضى من يجلسون أمام الشاشات أو المدرجات جزء بسيط من رواتب من يمارسون هذه الألعاب وكان عليهم ممارسة أي رياضة بدل الاكتفاء بالجلوس للارتقاء بصحتهم، فوصل الدخل السنوي لبعض اللاعبين لأرقام فلكية لا يحصل عليها قادة الدول ورؤساء أكبر الشركات في العالم بل ان دخل أحدهم أعلى من موازنة بعض وزارات الشباب في عديد دول العالم، فالبرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب كرة القدم يصل دخله السنوي 260 مليون دولار، ودخل لاعب الجول جون رام يتجاوز أل218 مليون دولار، وليونيل ميسي 135 مليون دولار وليبرون جيمس نجم لعبة كرة السلة 128.2 مليون دولار، وهذا هو غيض من فيض.
تخيلوا هذه الأرقام الفلكية التي يتم دفعها لأشخاص لا يملكون مؤهلات تعود بالفائدة على العالم سوى إضاعة الوقت في مشاهدات وحوارات تستمر لأشهر وربما سنوات طويلة، وفي المقابل نجد ان قيمة جائزة نوبل التي يحصل عليها العلماء الذين أثروا في حياتنا وأثروها بالمعرفة تبلغ مليون دولار، فماري كوري عزلت الراديوم الذي أصبح طريق لكشف الأمراض، واخترع جون باردين الترانزستور وفريدريك سانغر لتحديد تسلسل قاعدة الحمض النووي في الجسم البشري، وللان لم يتجاوز عدد الحاصلين على الجائزة التسعين عالم، لنجد أن قيمة جوائزهم المالية خلال تسعين عام من العمل والجهد تعادل ثلث دخل لاعب كرة قدم في عام واحد، فهل هذا مؤشر على سلامة الفكر البشري؟، أم أن هناك من يُريدون صناعة مفاهيم خاطئة في المجتمعات.؟
هذه الحسابات تثبت أن هناك من يريد لشباب العالم والأجيال القادمة أن يفكروا بطريقة عقيمة وأن يوجّهوا قدراتهم صوب أمور لا فائدة منها، وهذا أمر يتناسب مع رغبة رجال السياسة في تعطيل فكر المواطنين عن العمل بدراسة أحوال المجتمع، وإذا قام بهذه الدراسة سيشعر أنه مجرد عازف عود وسط فرقة للطبول أو رجل يهمس لمجموعات من الطرشان، وفي وسط هذا السيرك الكبير يختفي العالم ويبرز نجوم الألعاب، لنشعر بأن ما يحصل من بث رياضي له هدف واحد يتمثل بزيادة البُعد عن قضايا الأمة والتمسك بأشياء لا قيمة لها، بقوة الإعلام والقنوات المتخصصة في المجال الرياضي التي تضخ العديد من المباريات والبطولات وتعمل على إثارة المواطنين لحضورها، وهنا تكتمل عناصر خنق الفكر وتوجيهه صوب الهرج والمرج فيما الشعوب تُعاني والأوطان تتألم ومن وراء الستار يستفيدون.
واستغل الكيان الصهيوني البطولات الرياضية لتحقيق أهدافه العسكرية فيما الأمة العربية منشغلة بمباريات كرة القدم، ففي عام 1982 اجتاحت القوات الصهيونية بيروت وشنت حربها قبل البطولة بأسبوع، وعاد الصهاينة وهاجموا لبنان في عام 2006 موعد إقامة بطولة كأس العالم في ألمانيا، وشن الصهاينة حروبهم على غزة في سنوات التخدير التي تقام فيها دورة الألعاب الأولمبية أعوام 2008 و 2012 و2024 وفي سنوات نهائيات كأس العالم بكرة القدم أعوام 2014، 2018 و2024، فهل هذه التواريخ مجرد صدفة أم أن الصهاينة يبحثون عن توقيت تكون فيه الشعوب مغيبة لقتل الأهل في غزة ولبنان على أمل توسيع مساحة كيان الاحتلال بما يتلائم مع رغبة الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحال ترامب.؟
آخر الكلام:
أترك الحكم للقارىء، فهل الحرب التي شنها النظام الروسي في أوكرانيا تعادل ولو بجزء بسيط جرائم الكيان الصهيوني في غزة والتي يتم النظر بها في محكمة الجنايات الدولية، الفارق واضح للجميع والأوضح أن اللجنة الأولمبية والاتحاد الدولي لكرة القدم يدوران في الفلك الصهيوني، فحرموا روسيا واستقبلوا الكيان الصهيوني بالورود.