أ.د. فايز أبو عريضة
كان اليوم الخريفي في منتصف تشرين الثاني عام 1965من الايام التي لا تنسى حيث ذهبنا الى المعهد العالي للتربية الرياضية ؛الهرم ؛بالقاهرة لاداء اختبارات القبول في تخصص التربية الرياضية وكانت الاختبارات من الصباح الباكر حيث كنا مجموعة من المبعوثين من وزارة التربية والتعليم الاردنية وهم عادل صالح الحكم الدولي المعروف في كرة القدم ولاعب المنتخبات الوطنية في كرة السلة والطائرة نعيم العصيري واللاعب العملاق في العاب القوى وكرة الطائرة جابر عبد ربه والمرحوم نافذ الرمال بطل اختراق الضاحية وانا العبد لله اصغرهم في مهاراتي ،
وتشاء الظروف ان يلتقينا في مدخل المعهد شخص تكلم معنا بلهجة مصرية خالصة وكان حديثه مع الزميل عادل صالح لمعرفته السابقة به وبدروه عرفنا عليه بانه محمد سعد الشنطي لاعب النادي الفيصلي
وهنا كانت البداية للتعرف على الصديق والزميل ابي مروان والذي اصبح صديقا للجميع على مدى نصف قرن ويزيد
في ذاك اليوم رافقنا في الاختبارات يشجعنا ويشد من ازرنا ،وخلال الجولة لاحظنا انه يحظى بشعبية بين الطلبة والمدرسين والعاملين ،
وكان من دفعته في السنة الرابعة الاخيرة66/65 لدرجة البكالوريوس والذين قدموا الكثير للرياضة الاردنية نذكر منهم الاعلامي الكبير محمد جميل عبد القادر والزميل محمد سعيد غزال الاستاذ الخلوق الصادق والمخلص في عمله بامتياز وايقونة تخصص التربية الرياضية في معهد المعلمين بحوارة اربد ، وتخرج وتتلمذ على يديه المئات من المدرسين لعقود ثلاث ويزيد والمرحوم الشهيد عبد اللطيف غيث الذي استقر في مدينته القدس بعد تخرجه والتحق بالعمل الوطني لمقاومة الاحتلال الصهيوني بعد احتلالها من الصهاينة عام 1967 وقضى شهيدا في سجون الاحتلال ،
وفي تلك الفترة كان من طلبة المعهد في السنة الثالثة المرحومين الدكتور عصمت الكردي والدكتور بسام هارون من القامات الوطنية في الرياضة الاردنية الجامعية والنادوية والاتحادات الرياضية واللجنة الاولمبية الاردنية في التدريب والادارة والتدريس الجامعي والصحافة والاعلام ،
والصديق محمد سعد الشنطي له حضور مميز لخفة ظله وروحه الطيبة اينما تواجد واشتهر بكاميرته التي لم تفارقه في حله وترحاله ،
وبدا الشنطي طفولته وحياته في مدارس القاهرة حتى المرحلة المتوسطة والتحق بفريق الناشئين لكرة القدم بالنادي الاهلي والترسانة بصحبة نجوم الكرة المصريين ومنهم مصطفى رياض هداف دورة طوكيو الاولمبية والشاذلي ثعلب الكرة المصرية في ستينات القرن الماضي وغيرهم وعاد الى الاردن وبقيت اللهجة المصرية ملازمة له حتى يومنا هذا ،
ولعب في النادي الفيصلي والمنتخب الوطني لكرة القدم في الستينيات وعاد الى معشوقته القاهرة والتحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية وتجددت الذكريات مع زملاء الطفولة وعمل بعد تخرجه عام 1966 في معهد المعلمين في عمان وفي السعودية وليبيا لفترات وجيزة واستقر به المطاف في وزارة التربية والتعليم في مديرية النشاطات التربوية حتى التقاعد ، وتفرغ للعمل الصحفي في جريدة الدستور والذي عشقه لفترات طويلة وكان يهوى العمل الصحفي الميداني ،
ودرب كرة القدم لفرق عدة ومنها فريق الحسين اربد في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ومن ابداعاته في تلك الفترة استخدامه جهاز لاسلكي (ووكي توكي ) لمخاطبة مساعده في التدريب على مقاعد الاحتياط من اعلى مدرجات ستاد عمان الدولي حيث يجلس المدرب (ابو مروان ) لمشاهدة ورصد تحركات لاعبيه والفريق المنافس من اعلى قبل اختراع الهاتف الخلوي بعقود ،
والتحق بسلك التحكيم في كرة القدم وهو صاحب مبادرة ارتداء الالوان الزاهية للتحكيم البيضاء والحمراء والزرقاء وصافرته الجميلة وتعرض بسببها للانتقاد والتعسف احيانا ،
وهو صاحب ابتسامة ونكتة في جلساته ورحلاته، واحب الجميع واحبوه ولا زال ابا مروان في ذاكرة الرياضيين في مختلف القطاعات لخدماته الطويلة في التدريس والتدريب والتحكيم والصحافة ولا زالت كاميرته الخفية تختزن اروع الذكريات الجميلة لمحطات طويلة في الرياضة الاردنية ،
ونحن بدورنا نتمنى للصديق محمد سعد الشنطي (ابو مروان )العمر المديد كله صحة وسعادة ويبقى بيننا ويتحفنا بنكاته وحضوره وجلساته الممتعة والتي يشتاق اليها كل من عرفه والتقاه.
*العميد الأسبق لكلية الرياضة بجامعة اليرموك
