كرة القدم صنعت الحماقة وغيرت أولويات الجهلاء

صالح الراشد

جميل تنوع الثقافات وزيادة المعرفة عن عديد الأشياء حد الحاجة، فهذا يكسب الإنسان قدرات إضافية في فهم عادات الآخرين ويقربه من فكرهم، لمعرفة طرقهم في الإبداع والنهضة المَدَنيِة والتقاسمات الثقافية، لكنها تحول الجميل إلى القبيح في حال السير دون هدى على طريق الآخرين، والتخلي رويداً رويداً عن القضايا الأساسية والتاريخية في حياتنا لأجل اشياء لا تُغني ولا تُسمن من جوع، فالأصل ورغم رحلات البحث عن الثقافة البناءه أن تكون الأولوية الاساسية وسنام العمل على تحقيق الأهداف الكبرى لمجتمعاتنا العربية.

هذا هو أساس بناء الذات والحضارات، لكن ما جرى خلال الاسبوع الماضي أمر مقيت قاتل، فالقوات الصهيونية المحتلة لفلسطين العزيزة على قلب كل شريف في هذا العالم، اقتحمت المسجد الأقصى وعاقبت المصلين على عبادتهم لرب السماوات والأرض، عاقبتهم لأنهم قطعوا الأمل في التواصل مع شعوب الأرض والتجأوا إلى الله عز وجل، يدعونه باخلاص لعله يستجيب لهم في الخلاص من الصهاينة وأن تتحسن الأحوال، ليكون الرد الصهيوني عنيف غريب بشن هجمات متتالية على المعتكفين ومعاقبتهم على عبادة الله.

ويبدو أن العرب قد ألفوا مثل هذه المواقف لذا لم يهتز لهم جفن، فيما الفلسطينيون يذودون عن المسجد الأقصى لوحدهم ودون غيرهم من البشر، فالله عز وجل اختصهم بأعظم المهمام وهم عليها محافظون، فيما العرب في سكراتهم يعمهون وعلى متابعة برشلونة وريال مدريد محافظون، فلا يفوتهم لقاء ولا يتركون عنه الحديث بل يشبعونه تحليلاً نقداً، والكارثة أنهم يغضبون من خسارة فريقهم وقد يصاب بعضهم بأعراض الجلطة وآخرون بالحزن وربما تهطل الدموع، نعم، تهطل الدموع لخسارة فريق في هزل جعلوا له قوانين، فيما الجد بالدفاع عن المسجد الأقصى بلا قوانين.

الغريب العجيب المُريب أن الشعوب العربية تتعامل مع الأندية الأوروبية كملكيات خاصة، فهذا فريقك وهذا فريقي ويكثر الجدل الذي قد يصل بسهولة حد القطيعة بين المشجعين العرب، لكن المثير للسخرية والضحك حد الجنون أن المشجعين الحقيقيين لهذه الأندية لا يعرفون عن أنديتنا شيء ولا حتى اسمائها، ولا يهمهم إن فزنا أو خسرنا، ولا يحفظون إسم لاعب من فرقنا وكأننا لا شيء في كرة القدم، وإن فاز منتخب أو فريق عربي على فرقهم يطلقون عليها مفاجأة.

ويبدو أننا كشعوب عربية قد رضينا بأن نكون في الصفوف الخلفية، ونستمتع بالخروج من الصورة ونعمل باخلاص على بناء الخلافات بدلاً من الاستمتاع بقدرات هذه الأندية ولاعبيها، فحولنا كرة القدم طريق للإختلاف فالخلاف ثم القطيعة، وحَمّلها السياسيون فوق طاقتها لتصبح جزء من عملية التنويم المغناطيسي للشعوب أو أداة لإشعال الفتنة النائمة التي لعن الله موقظها، فيما جزء بسيط من رجال هذه الأمة استغلها كقوة ناعمة يصلون من خلالها لأهداف من المستحيل تحقيقها سياسياً.

لقد تحولت كرة القادم إلى صناعة ترفيهية، وتحقق أهداف شمولية في ظل الجهل المتزايد باعتبارها محصلة لا طريق، لقد تحولت حتى طغت على أهدافنا الحقيقية، فهل يُعقل والقدس يُدنسه الصهاينة ويُخرجون المصلين ويزجون بهم في السجون لا لشيء إلا أنهم يقولون ربي الله، هل يعقل حينها ان وسائل التواصل العربية لا حديث لها إلا فوز ريال مدريد على برشلونة الاسبانيين؟، وهل يُعقل ان تغريدات الحزن على خسارة برشلونة تفوق وجع الأقصى؟، هل أصبحت قضايانا التاريخية والمستقبلية مجرد لهو حديث، وعلى الفلسطينين وحدهم دون غيرهم الموت لأجل الأقصى، فيما غيرهم يستمتع بالحياة دون منغصات إلا خسارة برشلونة، لذا لقد وصلنا حافة الهاوية وبقي على أمتنا أن تقفز لتنتحر.

آخر الكلام:

ان غالبية الشعوب العربية تسير بقوة وثقة في نفق البلاهة والبلهاء، ويفتقدون للرشد وعدم القدرة على وزن القضايا والهموم، لاختلال الموازين عند الشعوب بعد أن ترسخت لديهم مقولة تستخدم في غير موضعها “أن للبيت رب يحميه”، وهي عبارة أخرجت عن سياقاها لتعمل على زراعة الجبن في النفوس وتجعلنا نُعطي الدنية في ديننا، إننا نعبر نفق الجهل والحماقة بكل قوتنا معتقدين أننا سنخرج منه سالمين، وكالعادة متناسين مقولة “إلا الحماقة أعيت من يداويها”.!!

مقالات ذات الصلة

اترك رد

شريط الأخبار
آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية مجلس امناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة العام ٢٠٢٥ الوحدات يتغلب على شباب الأردن بالثلاثة هل يلعب لوكا مودريتش في الدوري الإيطالي؟ مانشستر سيتي يتخطى برايتون ويعزز فرصته بالفوز باللقب السرحان يصعق الجليل في الزفير الأخير ويبدأ رحلة البقاء السلط يعبر معان ويضع قدمه على عتبة الأمان عمان والجامعة يفتتحان ميداليات الدورة الرياضية 22 للمدارس الاردنية ( الاستقلال) رابطة المقاتلين المحترفين تطلق الموسم الافتتاحي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في  الرياض "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا منتخب الشابات يتعرض لخسارة قاسية أمام ضيفه اللبناني انطلاق الدورة الرياضية الثانية والعشرون للمدارس الاردنية ( الاستقلال) تسمية حكام الجولة 17 من دوري المحترفين طاقم حكام بقيادة المخادمة لإدارة مباراة بالدوري العراقي أرسنال يكتسح نظيره تشلسي بخماسية قراءة في مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للنشاط البدني المعدل....صور دورة الاستقلال المدرسية في نسختها ال22 تنطلق غداً حضور أردني مميز في حفل الإتحاد العربي للثقافة الرياضية بالقاهرة وتكريم أمانة عمان وبرنامج المجلة الر... العوضات يجري عملية جراحية ناجحة ويغيب عن الملاعب لثلاثة أسابيع  مدرب كرة القدم والأكاديمي وليد الأسكر في ذمة الله