ملكون ملكون يكتب :كرة القدم في رؤوس الأدباء … الحلقة الثانية

ملكون ملكون
السويد -ستادكم نيوز- الأدباء لم يجلسوا في أبراجٍ عاجية وينظروا من علياء بشيء من الازدراء لطقوس كرة القدم ونجومها، بل تفاعلوا معها واستعادوا في دواخلهم ذاك الطفل الذي كان يتمرغ في غبار الشوارع وهو يحاول أن يهزم اقرانه بكرة القدم .

محمود درويش
يختصر الشاعر الفلسطيني الراحل ” محمود درويش ” في لقاء تلفزيوني كرة القدم قائلاً : (( اعتبر كرة القدم أشرف الحروب )) ، و عند سؤاله عن فريقه المفضل لم يتوانى عن التصريح بذلك قائلاً : (( انه ريال مدريد الأسباني )) .
الإشارات التي طرحها ” محمود درويش ” رائعة و موحية بالكثير و تزيدنا اقتناعاً أن هذا الشاعر العربي هو استثنائي بكل شيء ، فهو يجزم أن كرة القدم حرب لكنها لا تشبه الحروب بفظاعتها و بشاعتها ، بل هي ” أشرف الحروب ” لأنها تستمر 90 دقيقة و تنتهي بالمصافحة و العناق بين لاعبي الفريقين دون الحاجة لطاولات السلام المستديرة ، أو موفدي المهمات المكوكية ، فالحرب الكروية تضع أوزارها بمجرد أن يطلق الحكم صافرة النهاية .
في إحدى قراءاته الشعرية، استهل محمود درويش كلمته بالتعجب من حضور البعض أمسية شعرية، في وقت تقام مباراة بين فرنسا وإسبانيا، وأضاف: “أنا من جهتي أُفضّل متابعة المباراة حتى لو كان من سيحيي الأمسية المتنبي”.
وبعد فوز مارادونا والارجنتين بكأس العالم 1986 كتب درويش : ((ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟ مع منْ سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلّق طمأنينة القلب، وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى منْ نأنس ونتحمّس بعدما أدمنّاه شهراً تحوّلنا خلاله من مشاهدين إلى عشّاق؟ ولمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلّق له تميمة، ونخاف عليه، وعلى أملنا فيه، من الانكسار؟ يا مارادونا، يا مارادونا، ماذا فعلت بالساعة؟ ماذا صنعت بالمواعيد؟”.
نجيب محفوظ
أما الروائي العربي الكبير “نجيب محفوظ” فقد كشف في مذكراته كان لاعباً ماهراً خسرته الملاعب الكروية و كسبته ساحات الأدب ،وبدأت علاقته مع الكرة عندما كان يلعب في فريق الصغار بالمدرسة مجيداً اللعب بالقدم اليسرى فاصبح الهداف لكنه في المرحلة الثانوية غييّر مركزه وبات يلعب كمدافع ،ويقول محفوظ عن نفسه: “كثيرون ممن شاهدوني في ذلك الوقت تنبأوا لي بالنبوغ في كرة القدم، وبأنني سألعب لأحد الأندية الكبيرة، ومنها إلى الأولمبياد مع المنتخب الوطني ،لم يأخذني من الكرة سوى الأدب، ولو كنت داومت على ممارستها فربما أصبحت من نجومها البارزين”.
بعد ابتعاده عن ممارسة اللعبة، شجّع محفوظ فريق الزمالك، وكتب رواية عن كرة القدم في الأربعينات، لكنه مزّقها، كما روى جمال الغيطاني في كتابه “المجالس المحفوظية”.
أما الروائي ” ابراهيم عبد المجيد ” فيقول انه كان لاعباً مميزاً ، وبقي يتابع بشغف و حماس مباريات نادي الاتحاد السكندري ، فيما لا يتلكأ بعض الأدباء عن التصريح بانتماءاتهم الكروية “فابراهيم اصلان ” زملكاوي ، و” يوسف أبو رية ” أهلاوي ، فيما يربط ” الفريد فرج ” الكاتب المسرحي الكبير بين المسرح والكرة معلناً عشقه لكرة القدم ، و متفرداً بنظرته لها إذ يعتبرها شبيهة باللعبة المسرحية التي تتطلب صراعاً بين طرفين أو نقيضين،و يسرف بالتشبيه فيشّبه شكل المسرح الإغريقي بشكل استادات كرة القدم .
الشاعر العراقي معروف الرصافي أول من كتب قصيدة عن كرة القدم، وتحدث في أبيات شعرية عن حركة اللاعبين، وبعض قوانين اللعبة.
قصدوا الرياضة لاعبين وبينهم كرة تراض بلعبها الأجسامُ
وقفوا لها متشمرين فألقيت فتداولتها منهم الاقدامُ
يتراكضون وراءها في ساحة للسوق معترك بها وصدامٌ
رفساً بأرجلهم تساق وضربها بالكف عند اللاعبين حرامٌ
توفيق الحكيم
وبالمطلق يخالف “توفيق الحكيم ” الجميع قائلاً :”انتهى عصر القلم. وبدأ عصر القدم”، ويظهر الكاتب المصري “انيس منصور ” ندمه على تأخره في الوقوع في غرام الكرة : (( مسكين كل إنسان لا يحب كرة القدم، هذا اقتناعي أخيراً، إنني أندم اليوم على كل السنوات التي مضت من دون أن أضيعها في الجلوس بالملاعب أو في المدرجات أصرخ وأصفق وأهتف للكرة تنطلق يميناً وشمالاً، تهز الشبكة أو تهز الثلاث خشبات. كرة القدم أصبحت قوة اقتصادية، والبرازيل صنعت من أولاد الشوارع ثروة قومية، ومطلوب منا جميعاً البحث عن مواهبنا وتشجيع لعب الكرة)).
وبالطبع كان مفيداً وممتعاً دخول بعض الأدباء العرب عالم الصحافة الرياضية من خلال أعمدة ثابتة يكتبونها في الصحف و المجلات الرياضية في ظاهرة تستحق الاهتمام و التقدير ، و لكم أن تتصوروا كم هو مدهش عندما تقرأ في الصحافة الرياضية العربية أعمدة و زوايا لــــــــــــــ (( محمود السعدني و خيري شلبي و صلاح منتصر و احمد فؤاد نجم و عادل أبو شنب و شوقي بغدادي ))، وقد يتساءل سائل ما الذي يدفع هذه الأسماء الكبيرة في عالم الأدب لخوض مغامرة الكتابة في مجال بعيد عن تخصصهم ؟؟؟ لكن دعونا نتساءل بالمقابل عن الكم الهائل من المشاعر المتناقضة التي تصخب بها مدرجات الملاعب أليست موحية بالكثير لأدباء يبحثون بدأب حثيث لاغناء رصيدهم الأدبي بشخصيات حقيقية من لحم و دم تعيش مشاعرها دون زيف أو افتعال أو تصنع ، و بمدرجات تمور بالكثير من مثل هذه الشخصيات العفوية البسيطة .

*إعلامي سوري يقيم في السويد – عمل في صحيفة الشعب اليومية الأردنية

 

 

مقالات ذات الصلة

اترك رد

شريط الأخبار
قصبة عمان تتصدر فعاليات الدورة الرياضية ( الاستقلال) المدرسية اتحاد الرياضه الكويتي يشيد باستضافة الاردن لمؤتمر الشرق الاوسط الحسين يبحر في العقبة بنجاح ويحافظ على الصدارة بفارق نقطي....جدول منتخب الشابات اللبناني يؤكد سطوته على منتخبنا الفيصلي يثقل مرمى الأهلي بخماسية مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء" مقاتلو الأردن على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء" مباراتان غدا....الرمثا يصعب مهمة سحاب آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية مجلس امناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة العام ٢٠٢٥ الوحدات يتغلب على شباب الأردن بالثلاثة هل يلعب لوكا مودريتش في الدوري الإيطالي؟ مانشستر سيتي يتخطى برايتون ويعزز فرصته بالفوز باللقب السرحان يصعق الجليل في الزفير الأخير ويبدأ رحلة البقاء السلط يعبر معان ويضع قدمه على عتبة الأمان عمان والجامعة يفتتحان ميداليات الدورة الرياضية 22 للمدارس الاردنية ( الاستقلال) رابطة المقاتلين المحترفين تطلق الموسم الافتتاحي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في  الرياض "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا منتخب الشابات يتعرض لخسارة قاسية أمام ضيفه اللبناني انطلاق الدورة الرياضية الثانية والعشرون للمدارس الاردنية ( الاستقلال)