د . فايز أبو عريضة
في ثمانينيات القرن الماضي كنت برفقة استاذي ومشرفي على رسالة الدكتوراة مارك كودك في زيارة إلى معسكر مغلق للمنتخب الوطني السوفيتي لكرة القدم، وطبعا بحكم عمله كمستشار فني لاتحاد كرةالقدم ، وكان مدرب المنتخب آنذاك المدرب المعروف لبانوفسكي، واستمعت إلى الحوار الذي اداره القطبين جودك ولبانوفسكي مع الجهاز الفني والاداري في قضايا فنية وخططية وادارية، وابرز ما لفت نظري خارج اطار القضايا التدربية، كان التركيز على القضايا السلوكية كاحترام المواعيد والتركيز على الالتزام بالزي الموحد في التدريبات كما في المباريات، والتجهيزات والنوم الكافي والتغدية المناسبة ، والاحترام المتبادل بين افراد الفريق، واعتبار ذلك هو المدخل للانضباط التكتيكي بالاضافة حكما لجميع عناصر الاعداد الشامل للاعبين (البدنية والمهارية وغيرها) ، ولاحظت التركيز في التدريب على التنفيذ الحرفي لتعليمات المدرب بمنتهى الجدية كقائد عسكري في الميدان ، وفي المقابل عندما تراقب ما يدور في ملاعبنا ستجد ان الالتزام لا يرقى لمستوى الطموح في التدريب ، والمباريات الودية لا تؤخذ بمحمل الجد، ابتداء من الالتزام بزي موحد فقد تجد الوان عدة في الفريق الواحد، ومن النادر الالتزام بلبس الكسارات على سبيل المثال ، والتي بدوره يجدها اللاعب غريبة عليه في المباريات الرسمية، اضافة للاستهتار في ضبط التحكيم في المباريات الودية وقد تجرى بدون مراقبين للخطوط احيانا ، وترى التلاسن وقد يصل الامر إلى الاشتباكات بين الفريقين او داخل الفريق الواحد، وقد لا تستكمل المباراة ، وتقام التدريبات في مواعيد تختلف تماما عن مواعيد المباريات، والذي تتقاطع فيه مع امور عدة كالانارة في الملعب، إلى درجات الحرارة، والايقاع اليومي الحيوي للاعبين، وغير ذلك من المتغيرات التي في تلعب دورا مهما في اداء اللاعبين والنتيجة ، وفي ضوء مثل هذه التجاوزات لاسس التدريب ومبادئه ومتطلبات نجاحه، فانه حكما سنعكس سلبا على الانضباط التكتيكي في المباريات الذي بيدا بالانضباط السلوكي في الملعب وخارجه،
*العميد السابق لكلية الرياضة بجامعة اليرموك