كتب : ملكون ملكون
ستادكم نيوز –عندما نظمت جنوب افريقيا كأس العالم 2010 كان هذا الحدث الرياضي الكبير مناسبة رائعة لتذكير العالم الذي كان يتابع البطولة بشغف إلى أي مدى وصل هذا البلد من التقدم بعد ما تخلص من أغلال العنصرية فأعاد تكوين نفسه بلداً متعدد الثقافات، و إذا كان نيلسون مانديلا قد أكد أن الرياضة توحد شعوب العالم فإن قلة من الناس يدركون أن محاولة سبقت محاولة مانديلا في استخدام الرياضة و كرة القدم على وجه الخصوص لمقارعة العنصرية من قبل قادها قائد كبير هو المهاتما غاندي الذي خاض نضالاً رائعاً في جنوب افريقيا في بدايات القرن الماضي و إن كان ذلك أقل توثيقاً مما فعله مانديلا لكن سنوات غاندي في جنوب افريقيا انتقلت من جيل إلى جيل في المناطق المحيطة في مدينة ديربان حيث قضى الكثير من وقته في عشق كرة القدم قبل أن يشتهر بقوته في دفع الهند للاستقلال .
المحامي الشاب
غاندي بدأ حياته العملية كمحام شاب في جنوب افريقيا و بنفس المسار الوظيفي تماماً مثل مانديلا و إن كان قد سبقه بــ 60 عاماً و لكن غاندي سرعان ما ابتعد عن مهنته بسبب اعتراضه على قوانين البلد العنصرية و هكذا و من هنا فإن غاندي بدأ يشكل لنفسه مقارنة بين ما يحدث في جنوب افريقيا و ما يحدث في الهند فحاول تحسين ظروف معيشة الهنود في جنوب افريقيا و المدهش أن إحدى أهم الوسائل التي استخدمها في نشر أفكاره في تلك الأيام كانت كرة القدم .
غاندي كان مسبقاً على علم بكرة القدم عندما كان طالباً للقانون في انجلترا و لم يكن لاعباً خطيراً أو مميزاً لكنه عشق اللعبة و فضلها على لعبته المفضلة الكريكيت و ركوب الدراجات و ربما لأن كرة القدم كانت اللعبة المفضلة للفئات الفقيرة في جنوب افريقيا و من هنا أدرك أن شعبية كرة القدم بين المجتمعات الفقيرة هي وسيلة فعالة للوصول إليهم .
و غاندي نفسه عانى من الظلم في جنوب افريقيا فالتاريخ يذكر حادثة رحلة القطار من ديربان إلى بريتوريا عام 1893 حيث كان غاندي ذاهباً للدفاع عن مواطن هندي في المحكمة في بريتوريا و تم إجباره على النزول من القطار لكونه جلس في عربة الدرجة الأولى فقضى ليلته في محطة بيتر مارتزريغر ، هذه الحادثة أثارت في غاندي الحس الاجتماعي و حثته ليناضل سلمياً ضد العنصرية و الظلم الاجتماعي فقام بتنظيم حملة عصيان مدني بين السكان الهنود للفت الانتباه للقوانين العنصرية التي جعلتهم في مكانة أقل من مكانة البيض .
اللاعبين السلبيين
لعبت كرة القدم دوراً رئيسياً للخطوة التالية لدى غاندي لنقل مبادئ قوة الحقيقة لجماهير كرة القدم العاديين حيث لاحظ شعبية هذه الرياضة الناشئة فقرر استخدام عشقه للكرة كأداة لزيادة الوعي الجماهيري و استخدام وسائل غير عنيفة لتحقيق المساواة و الاندماج في المجتمع الذي يعتبرهم من الدرجة الثانية و بذلك أصبح غاندي زعيماً و ساعده في ذلك الوقت إنشاء ثلاثة أندية في ديربان و بريتوريا و جوهانسبورغ التي انتقل إليها عام 1904 و لكن للأسف لا يوجد أي دليل يثبت انضمام غاندي لأي من هذه الأندية أو كونه استلم مهام تدريبية فيها و لكن الصور القديمة المكتشفة في متحف ديربان تظهره جنباً إلى جنب مع اللاعبين و في صور أخرى يلقي بخطابات على الحشود في الملعب و لكن الروايات الشفهية تقول أن غاندي كان يتحدث للفرق عن كيفية معالجة الآثار السلبية للفصل العنصري في المجتمع .
مقاومة العنصرية لم يكن لها هيكل منظم ضمن الدوري الكروي في ذلك الوقت كما تقول ريبيكا هيدو حفيدة نايدو الباحث لسنوات عديدة في مساهمات غاندي بجنوب افريقيا حيث كرة القدم كانت لا تزال في بداياتها في كل أنحاء العالم بما فيها جنوب افريقيا فلم يكن هناك اهتمام بدوري ثابت أو مسابقات إذ كانت المباريات ودية في مختلف المجالات ، هذه المباريات الودية ساعدت في تشكيل صندوق دعم لعائلات المساجين بسبب العنصرية فالسجلات تثبت أن إحدى هذه المباريات التي لعبت في جوهانسبورغ أقيمت احتجاجاً على سجن نحو 100 من المعارضين للتمييز العنصري .
اللعب النظيف
كان غاندي متقدماً على عصره في تسخير الرياضة لتهذيب النفوس و التماسك الاجتماعي ، يقول في هذا الصدد بوبلان جوفنتسمي رئيس اتحاد كرة القدم بجنوب افريقيا للقاعات المغلقة : “غاندي كان على قناعة تامة بدور كرة القدم في تشجيع العمل الجماعي و تهذيب النفوس لذلك عندما أسس المقاومة السلمية ركز على تعزيز القيم الأخلاقية مثل روح الفريق و اللعب النظيف و ما فتن غاندي كان الفكرة النبيلة التي تحملها كرة القدم في ذلك الوقت فكرة اللعب الجماعي إذ كانت أقوى بكثير من فكرة اللاعب النجم الفردي و هذا كان ينطبق بقوة على أفكاره ، اعتق…
